في وسط دلتا النيل، وتحديداً في مدينة المنصورة، تتألق واحدة من أعظم الجامعات في مصر والدول العربية، جامعة المنصورة، التي ساهمت بشكل فعال في تعزيز جودة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.

تعرف هذه الجامعة بتاريخها الأكاديمي الطويل، وتعد من أبرز المؤسسات التي خرّجت أجيالاً من العلماء، الأطباء، والمهندسين، ولا زالت حتى اللحظة مركزاً علمياً وثقافياً متميزاً في مصر والمنطقة العربية.

نشأة جامعة المنصورة

تأسست جامعة المنصورة رسمياً في عام 1972، ولكن بداياتها كانت عام 1962.

وذلك عندما تم إنشاء فرع لجامعة القاهرة في مدينة المنصورة لتأمين التعليم الجامعي لأبناء محافظات الدلتا، وبالأخص الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ.

وكان هذا الفرع في البداية يشمل كلية واحدة فقط، هي كلية الطب، والتي شهدت تقدما سريعا وأصبحت من أكثر الكليات شهرة في الجمهورية

ومع تزايد عدد الكليات وتكثف النشاط العلمي والأكاديمي، صدر القرار الجمهوري رقم 49 لسنة 1972 بإنشاء جامعة مستقلة في مدينة المنصورة تحت اسم “جامعة شرق الدلتا”.

فيما بعد تم تغيير الاسم إلى “جامعة المنصورة” عام 1973، لتكون الجامعة الرسمية لمحافظة الدقهلية.

الموقع الجغرافي لجامعة المنصورة

تقع جامعة المنصورة في مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، وهي مدينة تتميز بطابعها الحضاري والثقافي العريق، تقع على الضفة الشرقية لفرع دمياط من نهر النيل.

كما تمتد الجامعة على مساحة واسعة داخل المدينة، وتضم عدة مواقع للحرم الجامعي، من بينها الحرم الرئيسي بشارع الجمهورية، والذي يحتضن الإدارة العامة، وعدداً من الكليات النظرية والعملية.

في حين تمتلك الجامعة فروعاً أخرى في مناطق متفرقة، مثل مجمع الكليات الطبية في منطقة “صقر قريش”، ومجمع الكليات الهندسية والعلمية بالقرب من “تقاطع الجامعة”، بالإضافة إلى فرع حديث في مدينة جمصة تحت مسمى “فرع جامعة المنصورة الدولية”.

كما تضم الجامعة مستشفيات تعليمية ومراكز بحثية متقدمة، من أبرزها “مستشفى جامعة المنصورة الرئيسي”، و”مركز جراحة الكلى والمسالك البولية”، و”مركز الأورام”، وجميعها تعد من رواد الخدمة الطبية والتعليمية في الشرق الأوسط.

جامعة الإسكندرية: إرث من التميز الأكاديمي في قلب المتوسط

الكليات والتخصصات

تحتوي جامعة المنصورة على عدد كبير من الكليات التي تغطي معظم التخصصات الأكاديمية، وتنقسم هذه الكليات إلى ثلاث مجموعات رئيسية: الكليات العلمية، الكليات الطبية، والكليات النظرية، وفيما يلي أبرز هذه الكليات:

أولاً: الكليات الطبية

أولاً: كلية الطب: وهي من أقدم كليات الجامعة، تضم نخبة من الأساتذة والخبراء في مجال الطب البشري.

ثانياً: كلية طب الأسنان: تخرّج أطباء أسنان مؤهلين على مستوى عالٍ من المهنية.

ثالثاً كلية الصيدلة: تعد من الكليات الرائدة في تعليم الصيدلة وإجراء البحوث الدوائية.

رابعاً كلية التمريض: تعنى الكلية بتأهيل الكوادر التمريضية لخدمة القطاع الصحي.

ثانياً: الكليات العلمية والهندسية

أولاً كلية الهندسة: تقدم برامج متنوعة تشمل الهندسة المدنية، الكهربائية، الميكانيكية، المعمارية، وهندسة الحاسبات.

ثانياً كلية العلوم: تركز الكلية على تخصصات الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات، والجيولوجيا.

ثالثاً كلية الحاسبات والمعلومات: تسعى الكلية لإعداد كوادر متخصصة في مجالات البرمجيات، الذكاء الاصطناعي، نظم المعلومات، والشبكات.

رابعاً كلية الزراعة: تعنى الكلية بتدريس علوم الزراعة، الإنتاج الحيواني، والهندسة الزراعية.

خامساً كلية الطب البيطري: تهتم بتأهيل الأطباء البيطريين المتخصصين في صحة الحيوان والوقاية من الأمراض المشتركة.

ثالثاً: الكليات النظرية والإنسانية

أولاً كلية الآداب: تتيح تخصصات متنوعة مثل اللغة العربية، الإنجليزية، التاريخ، الجغرافيا، وعلم النفس.

ثانياً كلية التربية: تسعى لإعداد المعلمين والتربويين في مجالات متعددة.

ثالثاً كلية الحقوق: تهتم بتخريج رجال القانون والقضاة والمحامين.

رابعاً كلية التجارة: تشمل تخصصات المحاسبة، الاقتصاد، وإدارة الأعمال.

خامساً كلية التربية النوعية: تركز على الفنون والموسيقى والإعلام التربوي.

سادساً كلية رياض الأطفال: تخرج الكلية بشكل دوري المعلمات المتخصصات في تعليم الأطفال.

سابعاً كلية السياحة والفنادق: تهتم بتخريج كوادر متخصصة في إدارة السياحة والضيافة.

تعرف على خطوات معادلة الشهادة الثانوية في مصر خطوة بخطوة

البرامج الأكاديمية والدراسات العليا

تقوم الجامعة بتأمين مجموعة متنوعة من البرامج الدراسية على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا (دبلوم، ماجستير، دكتوراه).

بالإضافة إلى أنها توفر برامج مميزة بنظام الساعات المعتمدة في كليات مثل الطب، الصيدلة، الحاسبات والمعلومات، والهندسة.

تسير الجامعة وفق نظام تعليمي حديث يتماشى مع التقدم التكنولوجي ومتطلبات البيئة الوظيفية.

كما توفر البيئة المناسبة للبحث العلمي، وذلك عبر منظومة بحثية متخصصة يقودها نخبة من الأكاديميين والخبراء إضافة إلى دعم النشر العلمي في المجلات الدولية.

التصنيف الأكاديمي والإنجازات

تعد جامعة المنصورة من أفضل الجامعات المصرية والعربية من حيث الأداء الأكاديمي والبحثي.

ووفقاً للعديد من التصنيفات الدولية، مثل تصنيف QS وTimes Higher Education وWebometrics، احتلت الجامعة مراتب متقدمة بين الجامعات المصرية.

من أبرز الإنجازات:

تصدرت الجامعة قائمة الجامعات المصرية في عدة تخصصات طبية وهندسية.

كما حازت على مراكز متقدمة في تصنيفات النشر العلمي على مستوى الشرق الأوسط.

إضافة إلى أنه تم إدراج الجامعة ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم وفق بعض التصنيفات الحديثة.

المستشفيات الجامعية والمراكز الطبية

تعرف الجامعة بأنها تمتلك أحد أقوى النظم الطبية الجامعية في مصر، حيث تدير عدة مستشفيات متخصصة، تخدم ليس فقط طلاب الجامعة بل المواطنين من مختلف أنحاء الجمهورية. ومن بين هذه المؤسسات:

أولاً: مستشفى الجامعة الرئيسي

ثانياً: مركز الكلى والمسالك البولية (أسسه الدكتور محمد غنيم)

ثالثاً مركز الأورام

رابعاً مركز جراحة الجهاز الهضمي

خامساً مستشفى الأطفال

وأخيراً مركز طب وجراحة العيون

وتعد هذه المؤسسات من النماذج الرائدة في الجمع بين التعليم والخدمة المجتمعية، كما تستقطب المرضى من مختلف الدول العربية.

أبرز خريجو الجامعة

خرجت جامعة المنصورة عدداً من الشخصيات البارزة في مجالات متعددة، من أبرزهم:

الدكتور محمد غنيم: رائد زراعة الكلى في مصر والعالم العربي، ومؤسس مركز الكلى الشهير بالمنصورة.

كذلك الدكتور أحمد شفيق: جراح عالمي في مجال الطب الحيوي، نشر أبحاثاً دولية كثيرة.

إضافة إلى الكاتبة منصورة عز الدين: من أبرز الأصوات الأدبية المصرية الحديثة.

الدكتور أحمد الطيب: شيخ الأزهر (دَرَس جزءاً من تعليمه الجامعي بالمنصورة).

فضلاً عن عدد كبير من القضاة، الأطباء، المهندسين، ورجال الدولة، الذين شغلوا مناصب رفيعة في مصر وخارجها.

التعاون الدولي والتطوير المستقبلي

تسعى جامعة المنصورة باستمرار إلى توسيع شراكاتها الدولية مع الجامعات الأجنبية.

وقد وقعت الجامعة اتفاقيات تعاون أكاديمي وبحثي مع مؤسسات تعليمية من أوروبا، الولايات المتحدة، وكندا، والعديد من الدول الآسيوية.

كما أنشأت الجامعة فرعاً دولياً في مدينة جمصة تحت مسمى “جامعة المنصورة الدولية للعلوم والتكنولوجيا”.

وذلك بهدف تقديم برامج تعليمية تنافسية باللغة الإنجليزية في مجالات متعددة وهي:

الذكاء الاصطناعي، الطب الحيوي، والهندسة الرقمية، وذلك لجذب الطلاب من مصر وخارجها.

الحياة الطلابية والأنشطة

لا تقتصر الجامعة في رسالتها على الجانب الأكاديمي فقط، بل تسعى إلى تنمية شخصية الطالب في مختلف الجوانب، من خلال تشجيعه على المشاركة الفاعلة في الأنشطة الطلابية الثقافية، والرياضية، والفنية.

كما تقيم الجامعة مهرجانات طلابية سنوية، ومسابقات في الشعر والرسم والمسرح، بالإضافة إلى دوريات رياضية متنوعة.

إضافة إلى ذلك توفر الجامعة سكناً جامعياً متميزاً للطلبة المغتربين، ومكتبات مركزية ضخمة، منها “مكتبة مبارك العامة” (سابقاً) ومكتبات متخصصة في كل كلية.

الخاتمة

تمثل جامعة المنصورة مثالاً للجامعة الرائدة التي تجمع بين الأصالة والتجدد، وتواكب المتغيرات العلمية والتكنولوجية دون أن تغفل عن دورها التربوي والاجتماعي.

وذلك من خلال برامجها التعليمية المتطورة، وبنيتها البحثية المتينة، واهتمامها بصقل شخصية الطالب.

ومنذ تأسيسها وحتى اليوم، تواصل الجامعة حرصها على القيام دورها المحوري في النهوض بالعلم والتعليم.

وتعد بحق مفخرة لمصر وللعالم العربي، بفضل ما قدمته وتقدمه من عقول وكفاءات شكلت ملامح التقدم في ّمجالات عديدة.